-A +A
بشرى فيصل السباعي
تجددت الصدمة والفجيعة في شهر الصيام والقيام التي عاناها المجتمع السعودي في رمضان الماضي بقتل داعشي لخاله في آخر ليلة من رمضان العام الماضي بقيام توأم داعشي بقتل والدتهم ومحاولة قتل والدهم وأخيهم وتكرر السؤال الملح وهو؛ لماذا؟ والتصريحات والتحليلات والتكهنات والإسقاطات عن بعد لا تمثل جوابا يعتد به، فأين هو دور أهل التخصص في العلوم النفسية والاجتماعية في دراسة مثل هذه الحالات بشكل ميداني وتنوير المجتمع بنتائج دراساتهم ليعرف المجتمع ما الذي يولد القابلية لدى أبنائه للتجاوب مع الدعوات الإرهابية المفرطة في تطرفها وشذوذها عن أنماط الاستقامة الفطرية والاقتناع بخطاب الغلو في مفهوم الولاء والبراء لدرجة الادعاء أن الولاء والبراء لا يتحقق إلا بقتل حتى الأقربين والوالدين، إن رفضوا الانضمام للجماعة الإرهابية التي يعتبروها جماعة المسلمين الوحيدة وكل المسلمين خارجها مرتدون يجب قتلهم بحكم الردة المزعوم؟، وبالإضافة للأسباب الثقافية العامة هناك دائما أنماط نفسية واجتماعية عامة تولد القابلية للتجاوب مع الجماعات الإرهابية وتقع على المتخصصين في العلوم النفسية والاجتماعية مسؤولية تحديدها بدراسة الحالات بشكل ميداني وعدم الاكتفاء بالتعليق على صفحات الصحف والبرامج بشكل تنظيري معمم، فسبب أساسي لاستمرار الظواهر السلبية هو عدم التوصل لفهم واقعي علمي لميكانيكياتها الداخلية بسبب استقالة المتخصصين في العلوم البحثية من دورهم القيادي والتنويري في المجتمع، وظاهرة أخرى تعصف بفتية وشباب البلد وتدمر الأسر وتتسبب في جرائم قتل الأهل وغيرهم هي المخدرات وكما كشف مدير الإدارة العامة لمكافحة المخدرات اللواء أحمد سعدي الزهراني، أن المخدرات المهربة للسعودية والتي تم ضبطها تمثل تلثي معدل المخدرات في دول العالم، والسؤال هو لماذا هناك قابلية في المجتمع السعودي المحافظ لاستهلاك هذه الكمية المهولة من المخدرات هذا عدا المسكرات التي يتم ضبطها مهربة أو يتم تصنيعها في أوكار داخل البلد؟ فدائما أي ظاهرة سلبية لها شقان؛ شق المؤثر السلبي، وشق يمثل القابلية للتجاوب مع هذا المؤثر السلبي، والمؤثرات السلبية، خصوصا في عصرنا الحالي هي غير محدودة ولهذا الوقاية الأساسية منها تكون برصد المتخصصين للعوامل التي تشكل القابلية للتجاوب مع المؤثرات السلبية بأنواعها، ليتم بعدها تعميم ثقافة وقائية لا تكتفي برسم لوحة تحذيرية وما شابه للتحذير من الظاهرة إنما تقوم على التوعية ببيان الأسباب الاجتماعية والثقافية التي ولدت تلك القابلية الواسعة للتجاوب مع المؤثر السلبي وسن قوانين وإجراءات تدعم هذا التوجه الوقائي، ودائما الوقاية أفضل من العلاج بعد أن تقع حرفيا الفأس بالرأس.