-A +A
إبراهيم إسماعيل كتبي
كيف يمكن أن يتحول المجتمع إلى الفاعلية والتقدم بمنظومته للأمام؟ رؤية المملكة قامت على محاور أساسية مستهدفة تحقيق (مجتمع حيوي، اقتصاد مزدهر، وطن طموح) وهي تبدأ من المجتمع، وإليه تنتهي بتحقيق الأهداف، ورحلة الألف ميل وإن كانت تبدأ بخطوة، لكن الطموح الوطني بهذا الحجم من التخطيط والأهداف يحتاج إلى الجهد والمسؤولية من الجميع.
مجتمعنا كأي مجتمع فيه الصالح من الخير والإخلاص والجدية وهو كثير والحمد لله، وفيه الطالح من عادات مستجدة ومتغيرات سلبية كالتي حدثت مع طفرات اقتصادية وحياة عصر الإنترنت، ومن الصعب بل من غير المقبول استمرار السلبية ودون جهد حقيقي ولا التزام، ثم ننتظر عائد التنمية وثمار الرؤية، لا بد أن ندرك أن الطموح مقرون بالعمل الجاد وثقافة الانضباط في كل ميدان بما في ذلك الأسرة والتعليم والتدريب، فالمستقبل يصنعه الحاضر، وبقدر المسؤولية والتفوق على الذات، واستثمار الوقت ككل المجتمعات المتقدمة وتوازن الحقوق والواجبات، تكون النتائج أكثر نفعا للصالح الخاص والعام، وهذا هو الاختبار الحقيقي لدور المواطن والتحول إلى مجتمع حيوي حقيقي في كل مجال.

في حياتنا سلوكيات تحتاج إلى مراجعة ووقفة جادة للتغيير وتصويب قرارات وقناعات، وهنا أكدت (الرؤية) على هدف المجتمع الحيوي كبيئة عامرة بالإرادة والالتزام، وهذا يعني تحقيق حياة أفضل ثقافة وترفيها وعمر صحي، وثقافة الادخار ومنظومة قيم تربوية وحياتية وتعليم هادف وفرص عمل والنجاح فيها، وكل هذه العناصر الحتمية للتغيير الإيجابي تقوم على الأسرة والتعليم والتطوير الإداري، فالرؤية الجديدة بهذه الشمولية والدقة ليست مجرد نصوص مثالية، إنما خارطة طريق مفعمة بروح التغيير النوعي للإنسان والاقتصاد وآليات الارتقاء ببلادنا وحياتنا وهويتنا، في ظل عولمة شاملة تصنف قوة الدول في التنمية والاستقرار والتطور ورخاء شعوبها ودرجة استجابتها للمتغيرات، لذا من المهم أن يستوعب المجتمع بأفراده ومؤسساته هذه الموجبات والفعالية والالتزام بتحقيق الأهداف.
استسلام الفرد والأسرة وأي أجهزة تنفيذية لمظاهر السلبية والعشوائية، يدفع ثمنها كل المجتمع والتنمية، ويحسم من رصيد الطموح والإنجاز الوطني، فلا يجب أن يستهين أحد بقيمة تفوقه في العلم أو العمل، مسؤولا أو مرؤوسا، ولنتدبر كيف هي حياة جماعات النمل وخلايا النحل التي تعمل بروح الجماعة والتفاني الغريزي، فما بالنا بالإنسان وقد كرمه الخالق عز وجل بالعقل وصناعة الحياة، وهو الأحق بهذه الروح وبالفكر والإبداع والابتكار الذي أوصل العالم إلى ما هو عليه ونجني ثمار التطور في كل مجال.
كثير من قراراتنا الفردية والأسرية والرسمية تحتاج إلى هذه الروح، ومثال بسيط استهدفته الرؤية وهو زيادة المدخرات للمجتمع إلى نسبة أعلى، لكن المجتمع بشكل عام تمكنت منه ثقافة الاستهلاك غير المفيد ويتربى عليها أبناؤنا منذ الصغر حسب ما نشتهي ونرغب، لا حسب حاجتنا وما يفيد حتى لأطفالنا من ألعاب، وكذا الملابس والأطعمة.
نتمنى أن تسود ثقافة الاعتماد على الذات لدى الأبناء قدر المستطاع منذ الصغر، وأن يحرصوا على المفيد والهادف من المعرفة والعلم وخبرات الحياة، وفي هذه الثقافة نتمنى أخيرا من الإعلام أن يسهم في صياغة المجتمع الحيوي بروح إيجابية وتوظيف علوم التربية والاجتماع ليصل إلى العقل الجمعي بالتغيير الفاعل البنّاء وهنا تكون البيئة الخصبة للرؤية وتعزيز المكتسبات.. نسأل الله السداد والرشاد.