-A +A
مها الشهري
عبارة ترددت كثيرا في إشارتها إلى أن التعليم حاجة اجتماعية للمعرفة والثقافة، وهي تركز على ضرورة البناء في الأخذ بأسباب التنشئة السليمة وليس مع فشل المخرجات.
يبحث المهتمون في الطرق التي تساهم في إدارة المجتمع وتنظيم تعاملاته، وفي الحين الذي يحدد فيه المجتمع قواعد السلوك ويعد الخروج عنها «انحرافا»، يأتي الحديث حول ثقافة العقاب والتهديد التي تقتضي الشعور بالإيذاء، بطرق تحول دون تحقيق الهدف التربوي من تأهيل الفرد للتصحيح بعد وقوعه في الأخطاء كجانح أو منحرف أو مجرم فضلا عن معاقبته، وينعكس من هذا من انتشار السجون حتى وإن كانت ظاهرة يعكسها الاحتياج من معطيات واقعية لدينا، فهي بالمقابل ليست صحية أو إصلاحية بالمقياس الذي يتعامل به أي مجتمع متحضر. هناك معادلة تقول: «إذا غاب الدور الإرشادي والإصلاحي والوقائي المنظم في أي مجتمع، فإنها تزيد الحاجة لفتح المزيد من السجون للدواعي الأمنية»، وهي بذلك نتيجة لأخطاء اجتماعية وفردية أصبحت تشكل عبئا على المجتمع، مع توجيه الفكر الاجتماعي نحو ثقافة العقاب وتعديل السلوكيات الإنسانية أو تقويمها بمفهوم القهر وتقييد الحرية، هذا إذا كنا سنعمل على مقياس أن الحرية تغذي الرشد والمسؤولية في سلوك الإنسان. لا شك أن الدور الذي يؤديه السجن هو دور أمني وضابط يحمي المجتمع وينظم العلاقات بين الأفراد، ولكن يجب أن يقدم دورا تربويا وإنسانيا في تقويم سلوكيات المنحرفين وإعادة تأهيلهم اجتماعيا وسلوكيا، فالسجون بيئة خصبة تنتشر فيها الأفكار الخاطئة تجاه الحياة، ومن شأنها تعزيز السلوك المنحرف أو الإجرامي، فضلا على أن المجتمع يستمر في عقاب هذه الفئة ولا يساعدهم في التغلب على مشكلاتهم، فتكون العودة إلى الجريمة سهلة رغم الخضوع للسجن والعقوبة، من ذلك لا بد من العمل على الطرق التي تساهم في دمجهم واحتوائهم ورفع الوعي الاجتماعي بأهمية دوره في ذلك. تفعيل الدور التربوي والإصلاحي الذي يعالج تمرد المنحرف أو المجرم على ذاته ومجتمعه، وانعدام إحساسه بالمسؤولية تجاه أفعاله، يقتضي إيجاد بديل إرشادي يعمل على تدعيم التواصل مع المجتمع المدني ومع منظمات تربوية وهيئات تهتم وتعنى بهذا الشأن، وهذا بهدف النهوض بمسيرة الإصلاح وفق تخطيط مشترك يعامل المساجين كأسوياء، من خلال التكوين التعليمي والمهني كفرصة تملأ الفراغ لديهم بطريقة تجعلهم يستعيدون اعتبارهم واحترامهم لذواتهم ويكونون من بعدها أفرادا صالحين.