-A +A
مها الشهري
تعرضت العلاقات السعودية الأمريكية في الشهر الماضي إلى هزة كبيرة بسبب اتهام بعض أعضاء الكونجرس للسعودية بمسؤوليتها عن أحداث الحادي عشر من سبتمبر، الذي يقتضي تمرير مشروع قانون من أجل محاسبة السعودية، فجاءت هذه المبادرة لتعزيز العلاقات الثنائية باعتبار الاحتياجات المشتركة التي تفرضها العلاقة الدبلوماسية وعدم السماح لهذه الأصوات في التأثير عليها.
جاءت زيارة ولي ولي العهد للولايات المتحدة لتنقل صورة من صور التسامح والحرص على توثيق العلاقات الثنائية بين البلدين، فالموقف السعودي يفرض نفسه على الساحة وفق تطور الأحداث والمتغيرات الدولية وفي ظل ظروف أمنية وأزمات بالغة في التعقيد، وهي أحد الجوانب التي تفسر مدى تمسك المملكة بمواقفها في سياساتها الخارجية رغم ما تحمله من هموم تجاه العالم الإسلامي وخاصة ما يتعلق بملف الإرهاب، هذا بعد أن تماهت السياسة الأمريكية لسنوات طويلة مع التدخلات الإيرانية العبثية والمسؤولة عن زعزعة الأمن في كل من العراق واليمن وسورية.

جداول مشحونة باللقاءات والنقاشات في واشنطن حملت على عاتقها العديد من الملفات من القضايا المصيرية التي تشكل أهمية بالغة على العالمين العربي والإسلامي، إضافة إلى وجود اهتمام كبير من الطرف الأمريكي لمعرفة ما تحمله الرؤية 2030 وفحوى برنامج التحول الوطني الذي يعتمد على مستقبل القطاع الخاص، كذلك الاهتمام بمعرفة ما هو مطلوب أمريكيا من فرص الشراكة وفتح أبواب الاستثمار، وبذلك تكون الزيارة فرصة سانحة لنقاش المصلحة المشتركة وتوضيح المطالب والاحتياجات لهذه المرحلة الهامة من التغيير في الداخل السعودي.
اللجوء إلى الشراكة الاقتصادية سيسفر عنه تعميق العلاقات التي تغطي الجوانب السياسية والأمنية لقدرته على التأثير فيها، وبحكم أن الإدارة الأمريكية ليست إيديولوجية وإنما برغماتية تستمع إلى المطالب بناء على مصالحها وطرق حصولها على هذه المصالح، فالموقف الحيوي الذي اتخذته السعودية في قيادة الاتحاد الإسلامي بفرض مركزيتها دون الاعتماد على مظلة غربية سيغير من السياسات المستقبلية الأمريكية، والمتأمل أن يقوم هذا التغيير ويستمر على اعتبار ما يخدم المصالح المشتركة.
نطمح بأن تغير هذه الزيارة من التصورات السلبية التي أثيرت في الشارع الأمريكي من خلال الإعلام، وهذا ما يمكن أن يساهم في تعزيز العلاقة السياسية مستقبلا وينقلها إلى أفق أكثر تفهما وإيجابية.