-A +A
مي خالد
مرضى الضلالات الفكرية في وسائل التواصل الاجتماعي كثر. مع تفاوت حالاتهم المرضية ومستويات ذكائهم. فكلما كان المريض شديد الذكاء انطلت ضلالاته التي يرويها على الناس.
ظهر قبل مدة بسيطة تسجيل فيديو لشخص يزعم أنه قبض على عميل في الموساد الإسرائيلي قبل عشرين سنة، وأن التكريم والشكر وجه لرؤسائه وليس له، وكان نصيبهم الترقيات ونصيبه النقل التأديبي وهو إذ يسجل الفيديو ويبعث به ليتلقفه الناس في وسائل التواصل الاجتماعي يرغب في تعويض عن معاناته تلك التي لن يعوضه عنها عشرة ملايين ريال.

أما الشخص الآخر فيبدو أكثر توازنا وترابطا في حديثه. يظهر بحبكة مدروسة أثرت في وجدان أغلب الناس فصدقوه دون أن يمعنوا في ضلالاته التي يرويها. هو ببساطة يعتقد أن هناك من سيقتله في السجن ومن يراقبه خارج بيته فهو لا يستطيع الخروج حتى للصلاة.
هاتان القصتان متطابقتان في العمل العظيم الذي قام به الرجلان أحدهما كشف عميلا للموساد الإسرائيلي والآخر أوقع بمافيا مخدرات تدخل المملكة منذ ثلاثين عاما.
وهناك قصة أقدم في وسائل التواصل الاجتماعي لسيدة كويتية مشهورة بضلالاتها تظن أن العالم يضطهدها ولا يقدر الكرامة التي لديها وهي قدرة خارقة لملاك أو جني خاص بها يخبرها بأماكن الكنوز المدفونة، ويوحي لها بالاختراعات ويكشف لها أماكن المخطوفين والمفقودين.. وتطلب أيضا من حكومتها الحماية والدعم المادي وأن تلقب من اليوم فصاعدا بلقب الأميرة ويدفع لها راتب عشرين مليون دولار في مقابل خدماتها العظيمة.
هؤلاء الأشخاص يعانون من حالة معروفة في الطب النفسي. لها سمات محددة أبرزها أن يتوهم الشخص أنه شخص عظيم أو أنه قام بعمل عظيم وأن حكومته أو عائلته تضطهده ولا تقدره حق قدره وأن هناك من يراقبه لإلحاق الضرر به أو قتله.
العجيب أن يتفاعل كثير من الناس في مواقع التواصل الاجتماعي مع صائد المخدرات تفاعلا ينم عن عدم وعيهم بالأمراض النفسية ويؤولون تأخر ظهور تصريح إعلامي من مكافحة المخدرات. وهو في الحقيقة ما يعتبر نوعا من عدم المتابعة وتقصيرا في القضايا التي تهم الناس من القسم الإعلامي في مكافحة المخدرات. حتى تكاثرت الشائعات واتهم مشاهير التواصل الاجتماعي بالتواطؤ مع مهربي المخدرات.