-A +A
بشرى فيصل السباعي
نظرية «حدوة الحصان- The horseshoe theory» هي نظرية في العلوم السياسية تقول إن أقصى اليمين وأقصى اليسار كما في طرفي حدوة الحصان يكونان متقاربين ومتشابهين في أنماطهما الفكرية والسياسية والسلوكية وإن اختلفت التسميات والصياغات، بينما يكونان مختلفين ومتباعدين في قناعاتهما عند الوسط أو توسط الاعتدال كما في وسط حدوة الحصان، ويضرب المثل بالأحزاب والأنظمة الشيوعية والأحزاب والأنظمة الدينية الطابع مثل الحزب الجمهوري الأمريكي وحاليا يمكن أخذ المرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترامب كمثال، حيث تشترك الأحزاب الشيوعية والأحزاب الدينية في أنماط تطرفها الفكري وفي السياسات والمنظور المتعصب والمتأزم وفي تقليدية الأبوية الذكورية المفرطة ونظرية المؤامرة العالمية والسلطوية القمعية والديماغوجية «التحريض والتهيج العدواني ضد المختلفين» والدعوة لإعادة عظمة طوباوية ماضية، والتهييج على الحرب والعنف لفرض الهيمنة والإخضاع للآخرين بقهر العنف، واتهام النقاد ومن ليس مؤيد لهم بأنه جزء من المؤامرة الخارجية العالمية وبالتالي تبرير البطش به، والعدوانية تجاه دول العالم الأخرى، فالإنسان هو الإنسان في كل زمان ومكان ولهذا يتشابه الناس في أنماطهم الفكرية والنفسية والسلوكية والثقافية الفردية والجماعية مهما اختلفت التسميات والعناوين، ولهذا المعتدلون من كل المشارب يتشابهون في أنماطهم كما أن المتطرفين من كل المشارب يتشابهون في أنماطهم، والمتطرفون عادة ما يبحثون عن أقوال ودعوات وسلوكيات لأمثالهم من المتطرفين لدى الأطراف الأخرى لتبرير تطرفهم الخاص، وبالمثل فأهل الاعتدال يبحثون عن أقوال ودعوات وسلوكيات لأمثالهم من المعتدلين لدى كل الأطراف لتبرير اعتدالهم الخاص، ولهذا المتطرفون لدى كل الأطراف يغذون تطرف بعضهم البعض كما أن الجماعات الإرهابية الإسلامية تستشهد بالأقوال المعادية للمسلمين من سياسيين غربيين مثل دونالد ترامب والأحزاب اليمينية في أوروبا لتبرير تطرفها وعدائها لدول وشعوب العالم، وكما أن أولئك السياسيين الغربيين اليمنيين المتطرفين يستشهدون بدعوات وسلوكيات الجماعات المتطرفة والإرهابية الإسلامية لتبرير تطرفهم ضد المسلمين، بينما المعتدلون من المسلمين ومن الغربيين يستشهدون بدعوات وسلوكيات الاعتدال لدى نظرائهم في الطرف المقابل لتبرير توجهاتهم المعتدلة الخاصة، فالإنسان كائن انتقائي وينحاز دائما «لأناه» وغرورها ولمن يشبهها ويصوغ انحيازاته بناء على مرجعيته وقالبه الإدراكي الثقافي العام، ولهذا يقال إن الناس يرون فقط ما يريدون ويتوقعون رؤيته ولا يرون ما لا يريدون ولا يتوقعون رؤيته، وهناك حتى تجارب ونظريات علمية تثبت هذه الحقيقة تعرف بـ«نظريات البقعة العمياء» وفكريا تعرف باسم «البقعة العمياء للانحياز- The bias blind spot» والوعي بتلك الانحيازات أول خطوة لرؤية حقيقة الأمور الفعلية.