-A +A
خلف الحربي
بعد 15 عاما من أحداث الحادي عشر من سبتمبر اكتشف أحبابنا الأمريكان فجأة أن السعودية هي المسؤولة عن هذه الجريمة الإرهابية التي غيرت وجه العالم، وهذا الاكتشاف العجيب يدفعنا لأن نطرح أسئلة في منتهى البراءة: لماذا إذن دمرت الولايات المتحدة أفغانستان الفقيرة حتى لم تبق فيها حجرا على حجر؟، ولماذا غزت العراق وأعادته ألف عام إلى الوراء؟ ولماذا تحالفت مع السعودية بالذات في حربها ضد الإرهاب واعتمدت عليها كثيرا في مطاردة تنظيم القاعدة؟.. وهل يمكن اعتبار مئات الآلاف من البشر الذين قتلوا في أفغانستان والعراق وباكستان وغيرها من الدول قد سقطوا سهوا في لحظة غضب أمريكية وأن ضمير ماما أمريكا قد استيقظ بعد أن غرق العالم الإسلامي حتى أذنيه في وحل الإرهاب والطائفية؟!.
حسنا.. لنفترض أن الأمريكان كانوا يدركون ما فعلوه في أفغانستان والعراق وباكستان وغيرها باعتبار أنهم كانوا يعاقبون الإرهابيين المباشرين، وأن اتهاماتهم الموجهة للسعودية تتعلق بنشأة تنظيم القاعدة الإرهابي الذي خرج من صفوف ما كان يسمى بـ(الأفغان العرب) الذين كان للمملكة دور كبير في دعمهم خلال الاحتلال السوفياتي لأفغانستان، هنا يجب أن نستعيد المثل الشعبي المصري الشهير: (ما احنا دافنينه سوا) فعمليات تأسيس كتائب المجاهدين العرب في أفغانستان تمت بالتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية وكان لجهاز الاستخبارات المركزية الأمريكية دور شهير في تلك الحقبة وكون قسم من هؤلاء المجاهدين قد انحرفوا فيما بعد لينضموا إلى تنظيم القاعدة فهذه مسألة تتعلق بالولايات المتحدة أكثر مما تتعلق بالسعودية.

وما هو أهم من ذلك أنه بعد أحداث سبتمبر وتخبطات أمريكا في أفغانستان والعراق دخلت السعودية في حرب شرسة مع تنظيم القاعدة على أراضيها لمجرد أن التنظيم كان يرى في السعودية حليفا عسكريا وسياسيا للولايات المتحدة، فكيف تكون السعودية وراء تنظيم القاعدة وهو يحاربها لعلاقتها بالأمريكان؟، وغير ذلك أن الولايات المتحدة وقعت اتفاقيات تعاون أمني مع المملكة لمكافحة تنظيم القاعدة من أجل مطاردة أعضائه وقصف مواقعه وقطع سبل تنظيمه فهل أصيبت ماما أمريكا بحالة انفصام اليوم حين تتهمنا بالوقوف خلف عدونا المشترك؟!.
أعتقد أن إعلامنا الخارجي اليوم أمامه مهمة تاريخية لمواجهة هذه الافتراءات الأمريكية كي لا نضطر لمواجهة اتهامات جائرة حول أخطاء لم نرتكبها.. بل ارتكبها الأمريكان أنفسهم!.