-A +A
خلف الحربي
من سمات هذا العهد الميمون كثرة العمل وقلة الكلام، التنظيم الجديد لهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي صدر أخيرا يعد إحدى الخطوات الأساسية والمهمة لتنظيم علاقة الدولة بالناس وفك التشابك بين اختصاصات الأجهزة الحكومية المختلفة بحيث تتكامل أدوارها بما يخدم الهدف المشترك لها جميعا.
بحسب النظام الجديد فإن عضو الهيئة بمجرد رصده لمخالفة أو منكر سوف يبلغ رجل الأمن الذي يقوم بعملية الضبط وإحالتها للقضاء، وهنا قد يكون من المفيد أن نطرح سؤالا لا أظن إجابته تخفى على أحد ولكنها قد تضيع في زحام الحماسة والاستعجال والسؤال يقول: من هو رجل الأمن؟

الإجابة باختصار: رجل الأمن مواطن مسلم يحمي حمى القانون القائم على الشريعة الإسلامية، ميزته الأساسية على بقية موظفي الدولة الآخرين أنه المختص بعمليات المطاردة والمداهمة والضبط والمواجهة بالأيدي أو بالسلاح إن دعت الضرورة الأمنية لذلك، ورجال الأمن في بلادنا هم الأعين الساهرة على حفظ الأمن ومكافحة الجريمة بمختلف أشكالها وقد دفعوا من أجل هذه الغاية قوافل من الشهداء بل طالتهم يد الغدر حتى وهم يؤدون الصلاة.
ومن المعلوم أن أنظمة الشرطة في أي مكان في العالم تخضع للتراتبية العسكرية التقليدية وتخضع لنظام جزاءات صارم لمواجهة الأخطاء الفردية المحتملة، وميزة الأخطاء الفردية عند رجال الأمن - إن كان للأخطاء ميزة - أن المخطئ هنا يحاسب بشكل ذاتي دون أي خلط للأوراق ودون أن يعتبر انتقاد خطئه أو المطالبة بمعاقبته مساسا بالدين الحنيف مما يدخلنا في متاهات نبش النوايا وحالات الاستقطاب المؤدلج.
باختصار رجل الأمن هو الشخص الذي تعتمد عليه كل الوزارات لحفظ حقوق الدولة والمجتمع والأفراد، فالبلديات تحتاجه لإزالة التعديات والتجارة تحتاجه لمواجهة الغش التجاري والجمارك تحتاجه لضبط المهربين ومؤسسة النقد تحتاجه لضبط مزوري العملة والتعليم تحتاجه لمواجهة الشغب والاعتداءات، فمن أدواره الأساسية مواجهة الجرائم والمخالفات التي تكتشفها الأجهزة الحكومية الأخرى.. ومنها بالطبع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وإذا صدقنا لحظة مع أنفسنا دون أن تتلاعب بنا رياح الحماسة الطارئة فإن التنظيم الجديد يأتي لصالح فكرة هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي نشأت على يد الملك عبدالعزيز، طيب الله ثراه، فالهيئة اليوم أصبحت بمنأى عن بعض المواجهات المشحونة مع المجتمع ووسائل الإعلام وتستطيع أن تنفذ برامج جديدة بالتعاون مع جميع الأجهزة الحكومية الأخرى للحفاظ على هوية المجتمع وقيمه الأصيلة في ظل رياح العولمة العاتية التي تتناقض تقلباتها بين الانفلات الأخلاقي والإرهاب الدموي. ومن واجب أعضاء الهيئة تقديم صورة مبتكرة لعملهم تتناسب مع طموحات الدولة التي تسعى لتحقيق تحولها الكبير وقفزتها التنموية والاقتصادية الواضحة بأسرع وقت ممكن.