-A +A
بشرى فيصل السباعي
في ظل طوفان المنتجات الاستهلاكية بأنواعها وبخاصة التي تعد بتحقيق العجائب وضعف دور الرقابة الاستهلاكية عليها التي تفند مزاعم منتجيها ومسوقيها بإجراء التجارب عليها للتحقق من مدى صحة ما تعد به المستهلكين، يبقى أن الحل الوحيد بالنسبة للإنسان العادي أن يعتمد على نهج العقلية العلمية في تمحيصه لتلك المزاعم ويتمثل هذا النهج في السؤال؛ ما هو المبدأ العلمي الذي يعمل عليه هذا المنتج؟ وفي عصرنا الحالي ومع وسائل الثقافة العامة كالإعلام والإنترنت والصحف والمجلات بالإضافة للخلفية التعليمية الأساسية لن يوجد مبدأ علمي يستعصي على الإنسان العادي فهمه، فإن وجد مبدأ علمي يعمل به أو عليه المنتج فسيكون ذلك مذكورا في المعلومات المصاحبة للمنتج أيا كان، وحتى العقاقير الطبيعية البديلة التي تنتجها شركات عالمية عادة ما ترفق بها شرحا للمادة الفعالة فيها وآلية تأثيرها، لكن عندما تكون هناك الكثير من الوعود البراقة وبخاصة بتحقيق المنتج للمستحيل لكن لا يوجد ذكر ولا شرح للمبدأ العلمي الذي يحقق به هذا المنتج مثل تلك النتيجة الاستثنائية فهو غالبا مجرد متاجرة بالوهم ولا يحقق شيئا، مع ملاحظة أن هناك من يتعمد استخدام لغة تبدو ظاهريا علمية تماما مثل إلباس الممثلين في الإعلانات ملابس الأطباء عند تقديم المنتج لكن في الحقيقة لا يوجد ذكر للمبدأ العلمي الذي يعمل به أو عليه هذا المنتج، فهذا يكون جزءا من ديكور تسويق الوهم، وهناك تقصير بالغ في الإعلام في استضافة من يمكنهم نشر هذا النهج كما يحدث في البرامج الغربية حيث يكون للبرامج خبير يطالع ويمحص المنتجات الشائعة في السوق والدعايات في مجال ما ويقدم تقيمه العلمي لها، وهكذا عندما نقول إننا بحاجة لترسيخ النهج العلمي في حياتنا وواقعنا فهذا ليس مجرد شعار طوباوي إنشائي بل هو ممارسة يومية واقعية تساعد الإنسان على تجنب كل الدعوات والمزاعم المضللة وغير الصحيحة في كل مجال بأن لا يأخذ أيا منها كمسلمات لمجرد أنها قدمت مزاعم جذابة، فالتضليل هو تلبيس الباطل لباس الحقيقة بما يخدع الناس ويجعلهم يعتقدون أنه «الحقيقة»، فسواء أكان الإرهاب أو المنتجات والسلع التي تتاجر بالوهم أو الشعوذة وملحقاتها أو الموروثات السلبية فكلها علاجها هو «النهج العلمي الموضوعي الواقعي الجوهري» في تقييم الأمور والحكم عليها، وكلما تكرست هذه المنهجية انتقل الفرد والمجتمع والثقافة من الأنماط اللاواعية العشوائية العبثية السلبية إلى الأنماط الواعية الرصينة الإيجابية وهذا محرك النهضة والتطور.