-A +A
علي بن محمد الرباعي
نام السروان منام العنا. إذ استهلكت ليونة المعدة كثيرا من سوائل الجسم. ضربت بعضهم الحمى وتمددت أجسادهم المنهكة في بيت النسيب. كان أحدهم يون من أثر الحمى والعريفة يردد (ون يا المشلوم كان أكلت على مهلك كلك السرف). في صباح اليوم التالي استفزع النسيب الكريم ببعض أفراد القبيلة ليسهموا في الرأي ويدبروا معه طريقة لعلاج ضيوفه حتى لا تلحقهم سبة. قرر الحكماء أن يتم توزيع المرضى في البيوت ليمكن لكل البيت العناية بمريض. فيما تبرع أحدهم بإحضار طبيب من الخبت. حضر الطبيب. شخص الحالات. ومن نظرة عرف أسباب السقم. وطلب حطبا. أشعله وأخرج أدوات الكي ووضع الميسم فوق الجمر الأحمر. والسروان متبطحين على بطونهم وأقدامهم في اتجاه الطبيب. التقط طرف المكوى وبدأ بشرط كل واحد منهم شرطتين في باطن القدم فذاعت رائحة الشياط وتعالت أصوات الصياح وتنفس البدن وخرج السقم. استمرت الحمى ثلاثة أيام من أثر الكي ثم فكت بفضل الله. تعاهدوا ما عاد يلتفتون للدخن ولا يدخل بطونهم لا سمن ولا عسل واكتفوا بخبز ناشف وقهوة. استبشر الجميع بالشفاء وعادت الاحتفالات مجددا وكانت ليلة الشفاء موازية لليلة القدوم في أكلها وخيرات موائدها وتدسمت الشوارب واللحى. عدا ثلاثة يأكلون بتحفظ على استحياء، وعيون التهمان ترصدهم. قال أحد السروان: وشبكم يا الرفاقة ما تأكلون؟ رد تهامي ساخر: الخريطة مفتوقة. فتعالت الضحكات. وفي السهرة كان للشعر أيضا حضوره الناقد والساخر وبين الشعراء ألغاز وترميز. ومما قال الشاعر التهامي (العام خذنا من السروان خلا وصاحـب، ويوم جانا هبينـا لـه ثلاثيـن مكتـل، من دخن دوقة ومن قهوة شدا في ونس ناس، ويوم جينا يقل لي ما عرفتك من أيّات، والله ما يلتفت كنه نسينـا نسينـا). ورد شاعر السروان (يا دخن لك ناس يذرونك وفيهم وصا حب، في ديرة الخبت ما يعتل صدري وما اكتل، خصوص لا ناض نو البحر هب الونس ناس، إذا تصافت على قلبي مع التهم نيات، والا خذينا على مصرين يا جن سينا). علمي وسلامتكم.