-A +A
بشرى فيصل السباعي
يؤثر عن القس الألماني «مارتن نيمولر» الشعر التالي حول تجربته مع النازية:
في البداية.. اضطهدوا الاشتراكيين، وأنا لم أعترض لأني لم أكن اشتراكيا

ثم اضطهدوا الاتحادات النقابية، وأنا لم أعترض لأني لم أكن نقابيا
ثم اضطهدوا اليهود، وأنا لم أعترض لأني لم أكن يهوديا
ثم لما اضطهدوني.. لم يكن قد بقي أحد ليعترض ويدافع عني
وهو له ذات دلالة المثل العربي «أكلت يوم أكل الثور الأبيض» وقصة هذا المثل أن سبعا أراد اصطياد ثور لكن كان في منطقته ثلاثة ثيران متحدة تصد هجماته فعرف أنه لن يمكنه اصطيادها إلا بتفريقها فجاء للثورين الأحمر والأسود وقال لهما إنه ليس له عداوة معهما إنما هو يريد فقط صيد الثور الأبيض وأكله وإن مكناه من ذلك تركهما يعيشان بسلام، فطاوعاه وتركاه يأكل الثور الأبيض وقد اصطاده بسهولة لأنه ترك لوحده ولم يدافع عنه صاحباه، لكن بعدها نقض السبع عهده وراود الثور الأحمر بقوله إنه لا عداوة له معه إنما هو يريد فقط أكل الثور الأسود وإن تركه يأكله سيتركه بسلام، وبالفعل ترك الثور الأحمر صاحبه يقع فريسة للسبع، بعدها جاء السبع للثور الأحمر ليأكله فتمكن منه بسهولة لأنه لم يكن معه صاحباه ليدافعا عنه فقال عندها «أكلت يوم أكل الثور الأبيض» أي أن مصيري حسم بأن أكون فريسة للسبع يوم تواطأت على ترك الثور الأبيض يقع فريسة ولم أدافع عنه. وهاتين المقولتين الأدبيتين هما أبلغ ما يمكن التعليق به على التصريحات المعادية للمسلمين التي صدرت عن دونالد ترامب المرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأمريكية، فما إن وجد تجاوبا مع توجهاته المعادية للمسلمين التي وصلت لدرجة التهديد بالقتل والطرد الجماعي للمسلمين من أمريكا حتى تمادى إلى التصريح بالعداء تجاه غالب فئات الشعب الأمريكي كالمنحدرين من أمريكا اللاتينية والمعاقين والنساء والحقوقيين والسود واليهود والمثقفين وتقريبا كل من ليس ذكر أبيض مسيحي ومتعصب ولهذا لم يكن مفاجئا أن أكبر المؤيدين له هم العنصريون البيض وقد رفض إدانة رئيس اتحادهم لأنه يعلم أنهم أكبر كتلة مؤيدة له وتغذيهم القنوات اليمينية المتطرفة مثل فوكس ومشاهير الإعلام البديل مثل «ألكس جونز» الذين يتمحور خطابهم حول نظريات المؤامرة التي ترى أن أمريكا تحت احتلال الأمم المتحدة ولكي تتحرر وترجع عظيمة تحتاج لرجل كترامب لا يبالي بالآداب الدبلوماسية ولا صورة أمريكا في الخارج إن تصرفت بشكل أحادي وخرقت القوانين الدولية واضطهدت الأقليات.