-A +A
مي خالد
ملاك المكتبة ظاهرة شائعة وصفها آرثر كوستلر عن الأمور التي نحتاج معرفتها في وقت ما من حياتنا فتسقط في أيدينا على نحو مفاجئ ونجدها بالصدفة في كتاب.
فكأن بعض الكتب تسعى لأيدينا لنقرأها عنوة وتعلمنا عنوة وأحيانا تختار نيابة عنا.

في كتاب (سبعون.. حكاية عمر) الذي يتناول فيه ميخائيل نعيمة قصة حياته خلال سبعين عاما عاش جلها في المهجر، يخبرنا أنه كان قد عقد العزم في نفسه ولم يطلع أحدا على نيته تلك أن يعود للبنان ويترك أمريكا. يروي أنه كان يحتفل بليلة رأس السنة مع جبران خليل جبران وصديقته فطلب ميخائيل من الصديقة على سبيل التسلية أن تفتح التوراة، وأن تضع أصبعها على سطر من سطور الصفحة التي تظهر لها، فيكون ما في ذلك السطر بمثابة دليل على ما ينتظره في المستقبل. وإذا بها تفتح الكتاب وتضع أصبعها على الآية التالية: «ارجع إلى بيتك وحدث بما صنع الله إليك». [إنجيل لوقا 8: 39].
قصة ميخائيل تلك تذكرني بحادثة عايشتها شخصيا. فقد حدث لامرأة أعرفها جيدا أن وقعت في مشكلة كبيرة وكانت تدعو الله كثيرا دون أن يستجاب لها. هذا الموقف أنساها مشكلتها الأساسية وصارت لا تفكر في شيء غير أن الله لم يستجب لها. فقررت ذات ليلة وهي على حافة الانهيار النفسي أن تعرف عن طريق القرآن -الذي هو كلام الله- لماذا لا يستجاب لها. فما كان منها إلا أن أخذت المصحف بين يديها وفتحته كيفما اتفق على أي صفحة ووضعت أصبعها وهي مغمضة العينين على آية محددة ثم فتحت عينيها فوجدت أنها اختارت الآية (102) من سورة التوبة: (وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا عسى الله أن يتوب عليهم إن الله غفور رحيم).
ومنذ تلك الليلة والمرأة التي أعرفها لم أعد أعرفها فقد تحولت لامرأة شديدة الاستقامة والصفاء الروحي.
بالطبع قد يأتيك ملاك المكتبة على شكل تلميح في كتب عادية وليست مقدسة كأن تجد تلميحا عن حل معضلة ما تمر بها أو تحتاج توجيها بخصوصها في كتاب للأطفال أو كتاب فيزياء يقع في يدك صدفة.