-A +A
ماجد قاروب
في إطار ما طرح من قرارات مصاحبة لإعلان الميزانية من توجهات خصخصة بعض القطاعات وتحويلها إلى شركات مساهمة عامة، وهو ما يعني تحويل أموال الشراء إلى خزينة الدولة وكذلك رفع مصاريف تشغيلها وصيانتها عن كاهل مالية الدولة لتتحملها الشركة المساهمة، ويعني تحول الموظفين من الخضوع لنظام الخدمة المدنية لاتباع أحكام نظام العمل، وبالتبعية سيتحول العاملون المعتادون على نظام الخدمة المدنية الذي يمنحهم 75 يوم إجازة وأكثر وإنتاجية شبه صفرية على طول العام ومحسوبية ولا مبالاة إلى نظام العمل الذي تصل عقوبة مخالفة أحكامه إلى الفصل بدون عوض، وسيتحول النظر في أخطاء العاملين بهذه القطاعات الذي يقتضي التعويض إلى القضاء التجاري ومحكمة التنفيذ وغرامات على أعضاء مجلس الإدارة والمديرين تصل للسجن لسنوات مع غرامات بالملايين بعد أن كان القضاء الإداري هو المختص بالنظر في قضايا التعويض عن أخطاء موظفي القطاعات قبل خصخصتها ولا تنفذ أحكامه خاصة التي تحتوي على التعويض العيني أو المالي، حيث لا يهتم الموظف الحكومي بكل المستويات بالخطأ الإداري والتعسف لأنه حتى لو انتهى بالحكم القضائي الإداري فلن ينفذ ولن تعلم به أجهزة مكافحة الفساد ورقابة المال العام.
ويتطلب ما تقدم تعزيز وتطوير تأهيل قضاة المحاكم التجارية بشكل نوعي أفضل عما يتم به التدريب الحالي الأقرب إلى الشكلية من التأهيل النوعي المطلوب للقضاة على أكثر من 30 قانونا تجاريا، وكذلك الأمر للمحاكم العمالية التي يجب أن تحضر أيضا لاستقبال مزيد من الشكاوى والقضايا من الموظفين الذين لن يكونوا قادرين على التأقلم على العمل كعمال قطاع خاص.

كما يحتاج التخصيص بكل بساطة إلى نظام للشركات مرن يتحمل ويستوعب هذه التحولات وإلى أن تكون وزارة التجارة حاضرة بكل ما هو تابع لها من إدارة الشركات وهيئة المحاسبين والغرف التجارية وإدارة السجل التجاري وغيرها حتى تكون عناصر معينة داعمة لهذا التحول من اقتصاديات الدولة إلى اقتصاد السوق ومعها بطبيعة الحال هيئة السوق المالية ولوائح الحوكمة والمسؤولية الاجتماعية والشفافية إلى غيرها حتى لا تتكرر تجربة بعض القطاعات بعد تحولها من قطاع حكومي إلى خاص. وبالتالي إذا ما تحقق كل هذا يفترض أن تتطور وتتحسن خدمات القطاعات لأنها ستعمل وفق آليات اقتصاد السوق وتحول المستفيدين من مراجع وصاحب معاملة إلى عميل مستفيد من خدمة مقابل مال ورسوم، وهذا يعني أدوارا ومكانة أفضل للمحامين ومهنة المحاماة.
مع كل أمنياتي للجميع والوطن بالنجاح بحسن الاستعداد لهذه الخطوة الهامة والجبارة لنقل المجتمع إلى عصر الاحتراف والإدارة الرشيدة والحوكمة لمستقبل أفضل للأجيال القادمة بإذن الله.