-A +A
أحمد عجب
يبدو أن ملاك الشقق السكنية يسبحون في فلك آخر، ولا يعرفون عن هذا الكوكب الذي نعيش عليه أي شيء، يأتون فقط في نهاية السنة ليقبضوا الإيجار ويودعونه في حساباتهم ثم يبلغون المستأجر في عجالة وبلغة غريبة بأن الزيادة ستلحقه اعتبارا من الشهر القادم، بعدها يستقلون صحونهم الطائرة ويعودون إلى حيث كانوا، هم بالتأكيد لا يعيرون أي اهتمام للأحوال الاقتصادية المتدهورة بمختلف دول العالم، ولا تقلقهم تلك الظروف الإنسانية الصعبة التي خلفتها الحروب الطاحنة، هم في منأى عن أضرار تراجع أسعار النفط، ولا مخاوف عليهم من تبعات زيادة أو انخفاض القوة الشرائية للدولار، هم للأسف الشديد خارج نطاق الرقابة لا تشملهم الأنظمة العقارية ولا حتى القرارات المنظمة!؟
حين ظهرت أزمة السكن في العام 1400هـ وتقديرا لظروف المواطنين صدر تنظيم يحدد الإيجارات ومقدار الزيادة السنوية المسموح بها طبقا لحالة العمارة، واستمر العمل به قرابة الثلاث سنوات، بعدها تركت الحرية في تقدير قيمة الإيجار للمؤجر والمستأجر وما يتوصلان إليه من اتفاق، ولأن المالك هو الطرف الأقوى فإنه ظل يعرض ويقرر ويتحكم، ولا أدري لماذا أعطي كل هذه السلطة تجاه المواطنين، مع أنه حين يؤجر لأي جهة حكومية يتوجب عليه التقيد التام بالاشتراطات الواردة بقرار وزير المالية، وأهمها إجراء الصيانة الدورية للعقار، وأن لا تزيد نسبة الزيادة في الإيجار على 5%، وأن لا يطالب الجهة المستأجرة بأجرة المدة المتبقية متى أخلت المبنى خلال سريان مدة العقد.

اليوم تتكرر الظروف المعيشية الصعبة، مع رفع الدعم عن بعض المنتجات وزيادة أسعار البنزين والكهرباء والماء، وإذا كنا نطالب المواطن بالتكيف مع هذا الغلاء لحين تجاوز المحنة، فإن الأمانة تحتم علينا التذكير بحاجته اليوم لمن يحميه من جشع ملاك العقارات، وهو أمر مشروع وفي غاية البساطة، كل ما نحتاجه قرار وزاري منظم، يقنن أسعار الشقق وفق مساحاتها وحالتها ويحدد كل كم سنة تتم الزيادة واشتراطاتها، مع التأكيد بأن لا يتم التأجير إلا عن طريق مكتب عقاري يكون ملزما بحفظ دفاتر ومعلومات بيانية تتضمن عقود الإيجار الموحدة وبيانات المستأجرين وربطها بنظام آلي مع وزارة التجارة يسهل معه المراقبة والمساءلة والمحاسبة أولا بأول!؟
هذا إذا اعتبرنا أن ملاك الشقق السكنية بشر مثلنا يعيشون على هذا الكوكب ويصيبهم ما يصيبنا، أما إذا بقينا نعتبرهم مخلوقات عظيمة تختلف عنا، فأقترح دعمهم والسعي لتحقيق طموحاتهم التي لا تنتهي، وذلك من خلال فتح المجال أمامهم للتعاقد مع وكالات الفضاء العالمية لينموا استثماراتهم ببقية الكواكب والأجرام السماوية وبدلا من أن يعرضوا شقة بالسطوح يعرضون شققا وأجنحة فندقية بالمريخ وبالسعر الذي يرونه!!
تويتر @ajib2013