-A +A
بشرى فيصل السباعي
ماذا يعني أنه مهما رصدت من ميزانيات قياسية للوزارات لا يزال الاحتياج مستمرا وبشهادة منسوبيها والواقع الذي يلمسه الإنسان العادي على الأرض؟ معناه أنه ابتلع بعضها شيء ما، ومعروف أن عدم الإخلاص يبتلع كل شيء حتى المجرات وهو عقيم لا ينتج شيئا، وهذا هو التشبيه الوحيد الذي يخطر للإنسان وهو يطالع أخبار تكلفة المشاريع المتعثرة وسبب تعثرها هو عدم المسؤولية وحتى إن أنجزت كانت معجونة بالنقص ولهذا تنهار وهي جديدة من أول زخة مطر، وهذا الفعل ضرره مضاعف فهو حتى لا ينفق المال الذي سرقه في بلده، فهو يحب التفاخر بأنه يشتري حتى أحذيته من الدول الأجنبية التي لا يسافر إليها لقضاء الإجازات فقط إنما لديه أملاك وبيوت فيها، وتعثر المشاريع الوطنية يعرقل التنمية ويصد رؤوس الأموال المحلية والأجنبية عن الاستثمار، بينما في بعض دول أوروبا تصل الضرائب إلى 60 % من دخل المواطن ومع هذا تلك الدول لديها أعلى معدلات الرضا العام من الخدمات ولا يتذمرون من هذا الارتفاع المهول في الضرائب لأنهم يجدون أثره في رفاه واقعهم، فما الحل ؟ كيف يمكن إشاعة ثقافة النزاهة المالية حتى تصبح الحال السائد كما هو الحال في قائمة أكثر الدول نزاهة في الأرض؟ لعله هناك حاجة لابتعاث «نزاهة» إلى تلك الدول لدراسة أسباب نزاهة الموظفين لديهم بكل مكوناتها الثقافية القيمية والهيكلية العملية من جهة، ومن جهة أخرى الواقع القانوني والقضائي الحازم بتعامله مع الفساد المالي والفاسدين بشكل يمثل رادعا حقيقيا عن الفساد، ولو تم سن الأنظمة وتطبيقها بصرامة وبجرأة وقوة فسوف يرتدع الجميع ويتوقف النزف. فطالما بقيت الثقوب السوداء فستبقى تؤثر على جودة المشاريع ودقة الإنجاز ومستوى الخدمات.