-A +A
خلف الحربي
هذه ليست أول مرة يواجه فيها الإسلام هجوما إعلاميا في الغرب، حدث ذلك في أكثر من مناسبة، منها الحملات الإعلامية التي تلت أحداث الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة، ولا شك أن مثل هذا الهجوم الإعلامي يؤثر على الأقليات المسلمة في تلك البلدان ويؤذي مشاعر المسلمين في سائر أنحاء العالم، ولكنه لن يغير شيئا على أرض الواقع لأنه لا توجد قوة على وجه الأرض يمكنها إجبار أكثر من مليار مسلم على التخلي عن دينهم.
ولكن ما الذي يجب أن يفعله المسلمون لمواجهة هذه الهجمات الإعلامية الظالمة؟ هل يقومون بهجوم إعلامي مضاد على الغرب والديانات الأخرى فيساهمون دون قصد في ترسيخ الأفكار السوداء التي يروج لها المتطرفون في الجهة المقابلة؟، أم يمارسون الصمت السلبي حتى تمر عاصفة الانتقادات؟.

في ظني أنه من واجب الدول الإسلامية والمؤسسات والمسلمين بشكل عام عدم ترك الساحة للأصوات المعادية للإسلام في الغرب والتي يحاول أصحابها التركيز على الأعمال الإرهابية وإخراج بعض النصوص الدينية من سياقها التاريخي لإثبات نظرياتهم العنصرية، بل التحرك الجدي لإيضاح الصورة الحقيقية من خلال الاستعانة بشخصيات مسلمة غربية لها تأثيرها على المجتمعات هناك، وليس بالضرورة أن تكون هذه الشخصيات دينية بل يمكن أن يكونوا نجوما في مجالات المال والإعلام والعلوم والرياضة، وكذلك التأكيد على فكرة أن الجماعات الإرهابية تستهدف المجتمعات المسلمة أكثر مما تستهدف المجتمعات الغربية، فلو تم عمل إحصائيات سريعة لعدد ضحايا الإرهاب في العالم الإسلامي لوجدنا أنه يفوق بآلاف الأضعاف أعداد ضحاياه في الغرب.
وقد يكون من المفيد أيضا التنويه عن دور السياسات الغربية في هذه الفوضى التي يعيشها العالم الإسلامي، والتي نتج عنها ظهور العديد من الجماعات الإرهابية المتوحشة، فلولا الغزو الأمريكي للعراق على سبيل المثل، والذي تم خارج إطار الأمم المتحدة ووسط اعتراض شعبي دولي، لما أصبح العراق مرتعا للجماعات الإرهابية وساحة للصراعات الطائفية الدائمة.
ولا يخفى على أحد أثر الحضارة الإسلامية في التقدم الذي يعيشه العالم اليوم، حيث كان لعلماء المسلين مساهماتهم البارزة في مختلف مجالات الحياة، وهذا يؤكد أن المشاكل القادمة من العالم الإسلامي إلى الغرب اليوم منبعها سياسي وليس دينيا.
باختصار ترك الساحة لهذه الأصوات التي تتبنى خطاب الكراهية ضد الإسلام والمسلمين خطأ، وردود الفعل الغاضبة التي تتبنى خطاب كراهية مضادا خطأ أكبر.