-A +A
خلف الحربي
الخلاف بين وزارة النقل وأمانة مدينة الرياض وتبادل إلقاء اللوم حول المسؤولية عن غرق شوارع الرياض ووصف بعض الشوارع بأنها تتبع وزارة النقل وشوارع أخرى بأنها تتبع الأمانة هو خلاف طريف للغاية لأن من يطلع على البيانات والتصريحات المتعلقة به يظن أن وزارة النقل في الأكوادور وأمانة الرياض في موزمبيق !.
والمؤسف أن هذا الخلاف ليس الوحيد من نوعه فأمانة جدة مثلا ترى أن بعض الشوارع تخصها وشوارع أخرى تتبع وزارة النقل وهي ليست مسؤولة عن الحفر فيها وكذلك في موضوع شبكات الصرف حيث يبرز في بعض الأحيان اسم شركة المياه لإخلاء مسؤولية الأمانة.

ولا أعلم أين تذهب كل تلك اللجان المشتركة بين الجهات الحكومية المختلفة؟ وغير ذلك من المؤتمرات والبوفيهات والدراسات المكتنزة بالكليشيهات، وهل سيأتي اليوم الذي تصبغ كل جهة حكومية الشوارع أو الأنابيب أو الأعمدة التي تخصها بألوان مختلفة كي تتبرأ من الأخطاء التي قد تقوم بها جهات حكومية أخرى، وإذا كان ذلك ممكنا بالفعل.. كيف يمكن صبغ الحفريات بألوان مختلفة؟!؛ لأن جميع الجهات تحفر في وقت واحد دون تنسيق فلا يعلم الشخص الذي قد يقع في إحدى هذه الحفر المرجعية الإدارية لسقطته الموجعة.
ميزة المطر هذه الأيام أنه يجرف اللجان المشتركة في أقل من دقيقة فلا يبقى منها إلا الدفاع المدني، وهكذا تطفو فوق مياه السيول الملفات التي تحمل الخطط والخرائط واعتمادات المشاريع فيصعب حينها تمييز شعارات الجهات الحكومية المختلفة ويمسح الماء عشرات التواقيع التي احتاج أصحابها أسابيع وأشهرا للتفكير والمراجعة قبل الإقدام عليها ليأتي المطر ليجعلها بلا قيمة في أقل من دقيقة.
نعود إلى الجدل الدائر هذه الأيام بين وزارة النقل وأمانة الرياض لنقول إنه يكشف بشكل أو بآخر عادة الهروب من المسؤولية في وقت الأزمات وهي عادة جديدة غير مستحبة بدأنا نلاحظها في السنوات الأخيرة، وهي بالتأكيد عادة غير مفيدة على الإطلاق إذا كان الغرض منها إعادة توجيه غضب المواطن الذي غرقت سيارته إلى هذه الجهة الحكومية بدلا من تلك، ولعل الفائدة الوحيدة من هذا الجدل أنه يضع جميع الأطراف أمام الفجوة الإدارية الفاضحة بشكل مباشر من أجل البدء بتحرك فعلي وسريع لسدها بالأفعال والأعمال لا الأقوال وتبادل إلقاء اللوم بين جهة حكومية وأخرى.
يا وزارة النقل ويا أمانة الرياض بعد أن تنشف أوراقكم التي بللها المطر حاولوا أن تكتبوا ورقة واحدة مشتركة توحدون فيها أحوال جميع الشوارع.. فهذا أفضل من استهلاك أوراق جديدة في التصريحات الصحفية.