-A +A
خلف الحربي

كانت هبة محمودة تلك التي هبها المجتمع في وجه شاب حطم سيارة مقيم عربي أوقف سيارته خلف سيارة الشاب بطريقة أعاقت حركتها، وقد خضع الشاب الذي بث غضبه المصور بالفيديو إلى صوت الحق وأدرك خطورة ما فعل فأعتذر لصاحب السيارة وصور هذه المصالحة وبثها عبر الفيديو أيضا.

كل هذا جميل.. والوقفة الاجتماعية ضد هذ السلوك العنيف تجاه أي مقيم عربيا كان أو أجنبيا تكشف عن وعي المجتمع وتمسكه بقيمه الأصيلة، فالإخوة المقيمون شركاؤنا في بناء هذا الوطن المبارك.. ولكن ماذا عن المخالفة الأصلية التي هي منبع المشكلة من أساسها؟!.. أقصد أن يقف شخص ما خلف سيارتك - مواطنا كان أم مقيما - ويختفي فجأة فيحبسك رغما عن أنفك لنصف ساعة أو أكثر تحت لهيب الشمس أو في زمهرير البرد.. فتدور كالأهبل بين الدكاكين والمحلات بحثا عن صاحب السيارة التي نوعها كذا ولونها كذا كي تطلب منه أن يخلي سبيلك لوجه الله.

لا شك أن هذا المقيم لم يتعود على هذا الوقوف المخالف إلا بعد أن شاهد آلاف المواطنين الذين يقفون خلف سيارات الآخرين بشكل مخالف بحجة إنهاء مهمة مستعجلة، لقد أصبح الأمر من العادات والتقاليد في غياب تام من المرور الذي يفترض أن يضبط أخلاق الطريق، ولا أعلم متى يمكن أن يتحرك المرور لضبط الاستهتار في الشوارع أولا، ثم لضبط عملية الوقوف وتنظيم المواقف المدفوعة منها والمجانية والتنسيق مع البلديات لتنظيم المواقف العامة وتسهيل عمليات الدفع عبر التطبيقات الإلكترونية والتعامل بحزم مع السيارات المخالفة من خلال إزاحتها عن الطريق وحجزها وتغريم سائقها.

لا بد أن الكثير منكم أزعجهم يوما وقوف سيارة ما خلف سيارتهم بشكل يعيقهم عن الحركة ويعطل أعمالهم.. وأغلبكم اجتاحتهم حينها موجة غضب هائلة تمنوا خلالها لو تمكنوا من تحطيم هذه السيارة المخالفة، ولكنهم سيطروا على توترهم وصبروا حتى مجيء صاحب السيارة الذي ربما تبادلوا معه بعض الشتائم الخفيفة قبل أن يتطور الأمر إلى تشابك بالأيدي.. أو أن الأمر انتهى بتبادل النظرات الحاقدة مع ابتسامة اعتذار سخيفة من صاحب السيارة المخالفة.. مهما كانت نهاية القصة فإن المخالفة الأصلية هي الأولى بالمواجهة الاجتماعية سواء كان مَن ارتكبها مواطنا أم مقيما.. أما رجل المرور الغائب عن كل هذا الهرج والمرج المروري يجب أن يتكرم علينا بطلته البهية.



klfhrbe@gmail.com



للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات، 636250 موبايلي، 738303 زين تبدأ بالرمز 211 مسافة ثم الرسالة