-A +A
بشرى فيصل السباعي
في كل موسم أمطار تتجدد ذات مشاهد غرق الشوارع والأحياء والأنفاق بالماء بلا أثر ظاهر لمنظومة تصريف فاعلة لمياه الأمطار والسيول حتى في المدن الرئيسية الكبرى التي تعتبر واجهة للبلد أمام العالم، بالإضافة لمشاهد تسرب مياه الأمطار من سقوف وجدران منشآت عامة كبرى جديدة كلفت المليارات ولا يحتاج الإنسان أن يكون مهندسا ليعرف أن هذا يجب أن لا يحدث، وتعليق الرأي العام عليها أنها تدل على فساد واختلاس لدى من نفذ مقاولات هذه المشاريع ومن له بالعموم صلة بها، ومجرد استمرار ذات المشاكل يدل على أنها ليست حالات فردية معزولة إنما هي علة جذرية منتشرة، وهي تجبر المراقب على التساؤل ان كانت بالفعل ناتجة فقط عن فساد لدى الشركات المنفذة ومن له صلة بتنفيذ المشاريع؟ أم أن المسألة أكثر تعقيدا ولا يوجد سبب واحد فقط لها إنما مجموعة من الأسباب منها؛ مشكلة في معايير ومؤهلات وكفاءة العاملين في الشركات التي تنفذ هذه المقاولات وواضعي السياسات العامة المتصلة بها، بالإضافة لنظام ترسية المناقصات الذي يعمد لترسيتها ليس على الأكثر كفاءة وتطورا إنما على الأرخص تسعيرة، ويعتبر هذا المعيار الوحيد الذي تتوقف عليه ترسية المناقصات حسب نظام قديم، ثم عدم مراعاة الخصائص الجيولوجية للمدن ومحيطها، وطالما مسلسل الخلل لازال مستمرا فهذا يعني أنه لم يحصل تصحيح للأسباب المؤدية لكوارث موسم الأمطار، وعلى الأقل طالما أن الشركات المحلية المنفذة لهذه المقاولات لم تلتزم بإصلاح نفسها ومخرجاتها فلأجل إيقاف مسلسل استنزاف الميزانيات بلا طائل يجب إدخال الشركات الأجنبية كمنافس للمحلية لكي تجد نفسها امام خيار إما تصلح نفسها ومخرجاتها وتقاوم إغراءات الصفقات الفاسدة أو ببساطة تزول، بالإضافة لضرورة محاكمة ومعاقبة المتورطين بشكل حقيقي وسريع لا تراخي فيه ولا يقبل بأعذار أقبح من ذنب، لتكون بمثابة رسالة لنظرائهم بأن يصلحوا أنفسهم ومخرجاتهم أو يواجهوا ذات المصير، فليس لائقا ان يكون الحال على ما هو عليه ويصبح بمثابة نكتة للمواطنين تجعلهم فاقدين للثقة والاحترام والفخر بالمشاريع الوطنية والشركات الوطنية وفوق هذه الخسائر المعنوية الجذرية فهناك خسائر مادية خاصة وعامة ما كانت لتحدث لو تم إنجاز المنشآت العامة وشبكات الشوارع وتصريف مياه الأمطار بكفاءة ونزاهة، ولهذا كحق وكوسيلة عقاب يجب إقرار تعويضات للمتضررين من الجهات التي كان فسادها وعدم كفاءتها سببا في هذه الأضرار.