-A +A
بشرى فيصل السباعي
في الغرب ودول العالم النامي التي شقت طريقها باتجاه منافسة دول العالم الأول وتحديدا الهند والصين غالبا الأثرياء في تلك الدول هم أهل الأفكار التكنولوجية والصناعية والتجارية الخلاقة التي أحدثت طفرات في مجتمعاتهم وفي واقع الحياة لكل البشرية، لكن في العالم العربي الأمر يختلف فكثير من أهل المال ليسوا من العصاميين الذين بنوا ثرواتهم بأفكارهم الخلاقة إنما هي إما وراثة عن زمن الطفرة أو تولدت من ممارسات غير منتجة مثل المتاجرة في العقار وما شابه، ولأن العالم العربي لازال يفتقر للبنية الأساسية الداعمة للعلوم والصناعة فغالبا لا يوجد مجال لأن يحول أهل الأفكار وعلى الأقل أهل براءات الاختراع أفكارهم إلى سلع ومشاريع تنقلهم إلى الثراء وتفيد شعوبهم والبشرية كما هو الحال في العالم الصناعي، ولهذا من باب التعامل الواقعي مع الأوضاع القائمة هناك حاجة لتأنيب أصحاب الأموال وإشعارهم بالذنب لاستقالتهم الكاملة من الدور الذي يقوم به نظراؤهم في العالم الغربي حيث يدعمون التعليم والصحة ومشاريع المبتدئين بتبرعات بالمليارات، بينما في العالم العربي؛ الثري إن قرر التبرع بشيء فهو غالبا لبناء مسجد يحمل اسمه ويستضيف لافتتاحه كبار مشاهير المشايخ! ويعتبر أنه بهذا قام بكل ما عليه، مع أنه يمكن للناس أن يصلوا في الشارع وتكون صلاتهم صحيحة لكن لا يمكنهم العلاج بالشارع ولا التعلم بالشارع ولا السكن بالشارع، ولذا فضل الإسلام النفقة على المحتاجين على النفقة على المساجد، وعموما محصلة الأوضاع أن هناك جانبين يعيشان حال طلاق كامل في العالم العربي؛ جانب لديه كل الأموال وليس لديه أفكار جيدة عن ما يمكن عمله بها، وجانب لديه كل الافكار وليس لديه المال ليمكنه تجسيدها على الأرض وهنا يأتي دور الهيئات الحكومية والأهلية المعنية للقيام بمبادرات تجمع بين الطرفين بشكل مادي ربما في معارض دورية لتقنع أهل المال بجدوى استثمارهم في تحويل أفكار أهل الأفكار إلى مشاريع صناعية وتجارية وعلمية وثقافية ليس لأجل أي دواع تطوعية إنما لأجل مصلحتهم المادية المحضة، لعلهم يمكنهم رؤية أن هناك مجالا لتحقيق ذات الأرباح التي يحصلون عليها من الاستثمار في الفنادق والعقارات العالمية في الخارج بالاستثمار في أفكار أهل بلدهم، فأثرى أثرياء العالم هم أهل مشاريع الأفكار وليس العقار.