-A +A
خلف الحربي

المقلق في ردود الفعل الساخرة على ندوة وزير الإسكان التي قال فيها إن أزمة الإسكان هي أزمة فكر، أنها يمكن أن تتسبب في ابتعاد الوزراء عن التعاطي مع الإعلام خشية من ردود فعل مماثلة، لأن الوزير -أي وزير- قد يجد أن انتهاج سياسة الصمت المطبق هي الضمانة الأكيدة للابتعاد عن التعليقات الساخرة ومقاطع الفيديو التي تركز على خطأ معين أو تخرج عبارة ما عن سياقها.

وإذا حدث هذا الانكفاء الإعلامي بالفعل، فإننا بالتأكيد سوف نواجه مشكلة حقيقية ذات تأثير سلبي على الخطط التنموية، فمن واجب الوزراء أن يخرجوا للإعلام وأن يتحدثوا عن خططهم ومشاريعهم ويتصدوا للقضايا التي تتعلق بوزاراتهم، وهناك توجيهات سامية صريحة بالرد على أسئلة الصحافة وتقديم المعلومات للمواطنين، أما ردود فعل المواطنين التي تكون غاضبة أحيانا وتهكمية في أحيان أخرى، فإنها مسألة طبيعية جدا بل هي من سمات المجتمعات الحية ولا يمكن التكهن بها سواء كانت تصريحات الوزير جيدة أم عكس ذلك.

لقد واجه عادل فقيه حين كان وزيرا للعمل حملات (احتسابية) مؤذية ولكنه مضى بعيدا في خططه المتعلقة بعمل المرأة وتعامل مع هذه الحملات بروح المسؤولية والثقة ولم يجد فيها ما يدفعه للانكفاء أو التراجع عن مشروعه، أما وزيرا الخارجية والتجارة فهما خبيران بكيفية التعامل مع وسائل الإعلام والصورة الذهنية عنهما أكثر من جيدة رغم حضورهما المكثف في وسائل الإعلام ووسائط التواصل الاجتماعي، وهو الحضور الذي قد يشكل فرصة لهواة تصيد الأخطاء ولكن كل واحد منهما يمضي في طريقه دون الالتفات إلى ردود الفعل السلبية، وهذا دليل أكيد بأن الحضور الإعلامي المكثف في بعض الأحيان يكون مفيدا جدا. وفي الناحية الأخرى نجد وزير التعليم يحضر بكثافة في وسائل الإعلام ولكنه حضور نصفه صحيح والنصف الآخر لمجرد الظهور، وقد طالته سهام النقد بطبيعة الحال ولكنه رغم ذلك لم ينكفئ بل على العكس من ذلك يتواصل مع وسائل الإعلام ويهتم بما ينشر من مقالات ويتفاعل مع الناس ومنسوبي وزارته عبر موقعه في تويتر، بينما واجهت تصريحات وزير الصحة بخصوص ارتباط الإبل بفيروس كورونا انتقادات لاذعة وخالية من الحياء أحيانا من قبل ملاك الإبل، ولكنه لا يستطيع التخلي عن مسؤولياته تفاديا لردود الفعل الغاضبة، وهناك عدد من الوزراء الذين لا يخرجون إلى الإعلام مطلقا إلى درجة أننا لا نتذكر أسماءهم وهذه صفة سلبية بالتأكيد.

نعود لنقول بأن حضور الوزراء في وسائل الإعلام مسألة ضرورية مهما كانت ردود الفعل على تصريحات الوزير، فقد انتهى الزمن الذي يصفق فيه الناس لكل كلمة يتفوه بها صاحب المعالي.. والانكفاء الإعلامي ليس حلا بل هو هروب من المسؤولية.



klfhrbe@gmail.com



للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات، 636250 موبايلي، 738303 زين تبدأ بالرمز 211 مسافة ثم الرسالة