-A +A
بشرى فيصل السباعي
بدأ بعض الناس يشككون في مصداقية اخبار انجازات المبتعثين التي تحتفي بها الصحف السعودية لأنهم لا يرون أي نقلة نوعية بالواقع العام رغم ان الآلاف من المبتعثين يدخلون سوق العمل المحلية كل سنة ولا يقرأون عن أي بحث واكتشاف لهم منذ عودتهم الى بلدهم، وحل لغز هذه المفارقة يكمن في التعرف على ظروف وثقافة الواقع العملي المحلي، فقصص نجاحات ابحاث المبتعثين صحيحة وهي عادية بالنسبة لأي باحث دكتوراه في الغرب وأي استاذ بدرجة الدكتوراه، ولهذا غالبا لا مبالغات فيها لكن الذي يحصل للمبتعثين بعد عودتهم لبلدهم امران يمنعان ظهور ابحاث واكتشافات علمية لهم؛ الأول: نتائج الابحاث العلمية أحيانا تكون سرية والاطلاع عليها يتطلب الحصول على تصريح خاص حتى بالنسبة للباحثين وتتطلب اجراءات رسمية مطولة تحبط من عزيمة الباحثين خاصة وأنهم يعلمون ان دراساتهم ستصبح سرية ايضا، وهذا يفقدهم فرصة نشر ابحاثهم ودراساتهم في الصحافة المحلية والمجلات العلمية المحكمة في الخارج وقاعدة بياناتها بالإنترنت، علاوة على عدم وجود مجلات علمية محكمة محلية وعربية ولا قاعدة بيانات عربية للأبحاث بالإنترنت، وهكذا تدفن في الادراج بلا جدوى. ثانيا: لا توجد ميزانية للدراسات والابحاث العلمية، وجهات العمل باتت تطلب من الدكاترة الحصول على تمويل لأبحاثهم من جهات خارجية، وهذا أمر صعب لدينا لأنه لا زال ليس هناك وعي بقيمة الابحاث والدراسات وافادتها للمجالات العملية، ولا توفر جهة العمل دعما اداريا للدكتور الذي يريد القيام بأبحاث ودراسات حيث تعتبر ان دوره ينحصر في مجال التدريس أو الوظيفة العملية، وهذا كله في كفة وفي الكفة الأخرى داء العرب الأكبر الذي أزرى بهم من كل وجه وهو «غرور الانا» البالغ التضخم والتغول ومحسوبياته وبيروقراطيته والذي له الدور الأكبر في دراما الصراعات المعلنة والمكتومة التي تكون في أماكن العمل والتي تؤثر سلبا على واقع العمل ومخرجاته من كل وجه، وكلما كبرت شهادات و «بريستيج» الشخص بات التعامل معه أكثر صعوبة بالنسبة لمتاهات وتعقيدات اعتبارات غرور الانا لديه التي تتسبب في خلق عداوات وصراعات كمطاحن الهواء التي تدور باستمرار وعلى الفارغ وتعرقل العمل، ويرى المبتعث العائد ان عليه السير في غابة من الاشجار الشائكة المتشابكة لغرور الانا الخاص بكل شخص في مكان عمله وحتى أبسطهم وظيفة كالساعي والمراسل الذي يرفض القيام بوظيفته لأنه يعتبرها دون مقامه، لأن ثقافتنا تجعل قيمة الشخص بقدر تضخم غرور أناه وليس بقدر أخلاقه وانجازاته.

bushra.sbe@gmail.com


للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 738303 زين تبدأ بالرمز 217 مسافة ثم الرسالة