-A +A
أحمد عجب
أكبر مدة ضمان يمكنك الحصول عليها لأي من المنتجات الاستهلاكية (وأعني هنا السلع المعمرة) لن تزيد بأي حال من الأحوال عن خمس سنوات، وإذا ما أخذنا على سبيل المثال السيارة، فإن غطاء الضمان عليها يغطي فقط التصليحات واستبدال قطع الغيار اللازمة لتصحيح الأعطال الناجمة عن عيوب التصنيع، وحتى يمكنك الحصول على هذه الميزة يلزمك التقيد بقائمة طويلة من الاشتراطات، وإلا فإن الضمان لن يشمل الأضرار الناجمة عن سوء الاستعمال، أو التقصير في الصيانة الدورية، أو عدم استخدام نوعية الوقود أو زيوت التشحيم الموصى بها، وبمجرد انقضاء مدة الضمان تقفل أبواب الوكالة في وجهك وتصبح أنت المسؤول الأول والأخير عن سيارتك.
هذه المعلومات البديهية، خطرت على بالي بعد أن فرغت من قراءة خبر يقول: تمكنت 128 امرأة من خلع أزواجهن منذ مطلع العام الجاري بعد أن كسبن دعاوى خلع رفعنها ضد أزواجهن، وسأرجئ الربط بين المعلومة والخبر، لحين التعقيب على هذه الإحصائية المفجعة، بداية من كلمة (تمكنت)، ومرورا بهذا الرقم المهول، وانتهاء بمفردة (كسبن) القضية، فالزوجة هنا لم تتمكن بل اضطرت وهي المغلوبة على أمرها بأن تفتدي نفسها بالمال مقابل الفكاك من زوجها الذي طالما أساء إليها وهضم حقوقها، وهذا الرقم الذي يراه البعض قليلا ما هو إلا عينة لشريحة كبيرة من نساء مجتمعنا اللاتي يعانين الوحشة والعذاب ولكنهن لا يقوين على اللجوء للمحكمة لأسباب متفاوتة !!

واهم، كل من يعتقد بأن الزوجة كسبت القضية، هي الآن تعود إلى بيت والدها لتجلس على الأرض وتضع يدها على خدها حسرة على عمرها الذي ضاع، حتى وهي ترتب غرفتها القديمة، تجد بالها مشغولا بالبحث عن إجابة شافية لسؤال لا يهدأ يحلق في سمائها وينعق كغراب البين : بعد الذل والهوان الذي تجرعته، وبعد أن تحملت ظلمه وجبروته، وبعد أن سخرت حياتي خدمة له ولأولاده، تكون هذه هي النهاية وأدفع الثمن وحدي؟!، أما ذلك الزوج المستبد فكأني أراه الآن يزيح عن وجهه صك الحكم بعد أن فرغ من قراءته وارتسمت على محياه ابتسامة التشفي، كيف لا وقد نجحت خطته في عضل الزوجة والتضييق عليها حتى خلعت نفسها وأعادت المهـر كاملا !!
في أحد الأيام رن جوال أحد الأصدقاء، وكان بعيدا عنه، فقال: بالله عليك يا بو ماجد شوف مين المتصل، نظرت إلى الشاشة، فقلت له : مكتوب (السلعة) يتصل، رد عليه وقال : وش تبغي السلعة.. الله يعين عليها، ولأني أمون عليه كثيرا، فكرت أن أطلب منه تغيير الاسم حتى لا يقع الجوال يوما بيد زوجته فتنجرح مشاعرها، لكنني بعد سماع آخر إحصائيات الخلع، تراجعت عن ذلك، لأن السلعة تبدو غالية ومكانتها محفوظة قياسا بالزوجة، وأتحدى أي أحد يستطيع إعادة سيارة أو ثلاجة أو مايكرويف بعد مرور سنة من شرائها واسترداد الثمن الذي دفعه، أما الزوجة فللأسف نجد البعض ولو بعد عشرين سنة من الإساءة والتقصير في حقها يرجعها ويأخذ فلوسه كاملة !؟.
تويتر @Ahmed Ajab