-A +A
إبراهيم إسماعيل كتبي
من جديد فعلتها إندونيسيا بإيقاف شامل لتصدير عمالتها المنزلية، ليس فقط إلى المملكة وإنما معها 20 دولة أخرى في العالم منها بالطبع دول مجلس التعاون الخليجي، ليس هذا فقط بل سحب عمالتها المنزلية الموجودة في هذه الدول بحلول 2017م أو بعد عام ونصف العام، والقرار طبقا لما نشر، هو حتى الآن نهائي من جانب إندونيسيا التي بررت ذلك بأنها تعيد النظر في أوضاع عمالتها بالخارج على ضوء ما أسمته (استمرار غياب قواعد ومعايير تنظيم العمالة في هذه الدول خاصة ما يتعلق بالحقوق المادية والمعنوية).
إندونيسيا وغيرها من الدول المصدرة لتلك العمالة ترى ما تراه بشأنها وفق مصالحها، مثلما تتخذ كل دولة ما تراه في أي جانب لصالحها، لكن سيكون للقرار انعكاسات على سوق العرض لدينا مقابل حجم طلبات الاستقدام، ولطبيعة أعداد العمالة المنزلية الإندونيسية في المملكة التي تقدر حسب الأرقام بنحو (700 ألف عامل وعاملة) وتنافس بقوة العمالة الفلبينية وربما تفوقها عددا، بينما بقية الدول المصدرة لا تغطي حتى الآن أي عجز في الأزمة الراهنة فكيف بالأزمة في الوضع الجديد.

مؤخرا نشرت أكثر من صحيفة محلية بأن مجلس الشورى شهد رأيا حادا لوزارة العمل في إدارة ملف العمالة المنزلية، واتهامها بالفشل، وخرج المتحدث الرسمي ليوضح بأن عضوا واحدا هو من طرح الرأي، وأن الموضوع ليس مدرجا على بند جدول أعمال الجلسات. هذا الإيضاح كان بغرض وضع الأمر في نصابه، لكن ما رأي مجلس الشورى ومعه وزارة العمل بعد قرار إندونيسيا تجميد إرسال عمالتها، وفوق ذلك ستسحب العمالة الموجودة في المملكة والدول الأخرى؟ وهل بات الأمر يستحق أن يناقشه المجلس مع وزارة العمل واتخاذ خطوات فاعلة لعلاج الأزمة.
سوق العمالة المنزلية حتما سيواجه ارتباكات شديدة وأزمة حقيقية نتمنى أن لا تستعصي على الحل في المدى القريب، خاصة أن خسائر كبيرة ستتحملها الأسر العاجزة عن استقدام خادمة أو سائق ولا نعلم ماذا لدى الوزارة بعد قرار إندونيسيا خاصة أن الأزمة كما هو حاصل منذ سنوات (ماهي ناقصة اختناقات) فكيف ستكون مع هذه التطورات؟! حتما عشرات الآلاف من البيوت في المملكة ستواجه مشكلة حقيقية، نظرا لحاجتها إلى تلك العمالة، خاصة والعام الدراسي في بدايته ولا غنى عن هذه العمالة من الخادمات والسائقين، فما هو المتاح أمامها في ظل القرار الإندونيسي، وكيف تستقدم إن استطاعت إليه سبيلا.
الأمر الآخر أن هذا العجز الهائل المتوقع في العمالة المنزلية سيفتح الباب على مصراعيه لسوق سوداء لا أول لها ولا آخر والفوز لمن يدفع أكثر، ولا نعلم كيف ستعالج الوزارة مثل هذه القضية المزدوجة التي ستنشأ حتما بين عجز فرص الاستقدام الكافي من الدول الحالية وضغط الطلب وبين المخالفات التي ستنتشر خاصة من الخادمات في السوق السوداء لطبيعة عملها في البيوت وليس كالسائقين أو العمالة العادية التي يسهل ضبط أوضاعها، ناهيك عن مكاتب الاستقدام التي ستتأثر بقرار إندونيسيا لكنها تعرف كيف تدبر أمورها ومصالحها ربما من الباطن بالسوق السوداء ناهيك عن السماسرة من نفس جنسيات العمالة الموجودة.
أخيرا أعتقد أن من يتحدث عن حجم التحويلات المالية للعمالة المنزلية إلى الخارج، عليه أن يحسب كم ستوفر هذه الأزمة للأسر وتخفض مليارات من التحويلات، لكن الحقيقة سيكون عليهم توفير القرش الأبيض للسوق الأسود حتى تقطع وزارة العمل قول كل خطيب وتخبرنا بالجديد ومتى وكيف.. كل عام وأنتم بخير.