-A +A
رشيد بن حويل البيضاني
ألبرت اينشتاين، عالم فيزياء يهـودي - ألماني- سويسري- أمريكي، ولد عام 1875، وتوفي عام 1955، حصل على جائزة نوبل في الفيزياء عام 1921. وضع نظريته النسبية الخاصة والعامة، وكان بمثابة اللبنة الأولى في صرح الفيزياء والنظرية الحديثة.
وما يهمنا هنا هو أنه يهودي، تم اتهامه من قبل المخابرات الامريكية بالميول الشيوعية، وهو ما يعكس لنا عدم إلتزامه الديني، كعادة يهـود الغرب من جانب، وكديدن الشيوعيين بعامة، من جانب آخر.

ومكانة الرجل العلمية لا تخفى على أحد، وما أكثر العلماء الذين كان علمهم سبب خروجهم من الأديان، وتمردهم على الواحد الديان. لكني توقفت منذهلا عند مقولة لهذا العالم – ألبرت آينشتاين – قال فيها:
«العلم دون دين أعرج، والدين دون علم أعمى»..
ولنتدبر هذه العبارة الموجزة الصادقة والبليغة لنجدها ذات شقين: الأول وفيه إقرار بضرورة ملازمة الدين للعلم، وإلا أصبح هذا العلم أعرج، أي غير سوي، أو ذا إعاقة، أي غير سليم على الإطلاق. ولعل هذا الصنف من العلماء، الذين يرون في العلم خروجا على الدين، واستقلالا له من قيود الدين، يتدبرون هذه العبارة الصادقة. لا بد إذن من اقتران العلم بالدين، حتى يؤدي العلم دوره تاما في الحياة، والفصل بينهما – أي بين العلم والدين – يؤدي حتما إلى خلل في أداء وظيفة العلم في المجتمعات.
أما الشق الثاني، وهو الأكثر أهمية في واقعنا المعاصر ، فقد جسدته عبارة آينشتاين: «والدين دون علم أعمى».
والعمى أشد خطورة من العرج، فالأعمى لا يتحرك بسهولة، وإذا أراد الحركة تخبط وضل، وربما أدت حركته إلى خسائر فيما يحيط به.
وما أظن ما نعانيه الآن في مجتمعاتنا الإسلامية من انحرافات فكرية وعقدية، وظهور كل تلك الفقاعات المسماة بأنصار الشريعة وجبهة النصرة والدواعش وغيرها، ليس إلا ترجمة فعلية لصدق مقولة آينشتاين. فدين أصحاب تلك الفرق، لم يلازمه العلم الشرعي الصحيح، ومن ثم جاء ما يعتقدونه أعمى، ويصعب على الأعمى إرشاد الآخرين الى الطريق الصحيح، ففاقد الشيء – الهداية والرؤية الثاقبة الصحيحة – لا يعطيه.
إن التمسك بالدين في ظاهره، وهذا ليس من باب العلم المطلوب بالدين، لا يغني صاحبه شيئا من جانب، ولا يفيد الآخرين بشيء من جانب آخر، وكي يكون الدين هاديا ومرشدا وموجها، لا بد له من العلم الراشد، فالعلم - على إطلاقه – هو مهمة الرسل والأنبياء والعلماء، ولو فقد هؤلاء فضيلة العلم، ما نفع دينهم شيء ، ولا نفعهم دينهم بشيء.
تأملت عبارة آينشتاين، وتمنيت لو أن أصحاب هذه الجماعات المنحرفة عقديا أو فكريا قد اطلعوا عليها وعرفوها واستوعبوها، ولكن أنى لهم ذلك؟! هل يقرؤون أو يعرفون شيئا عن آينشتاين؟ وإذا كانوا يقرؤون حقا، هل يفهمون وفق معايير الفهم الصحيح مايقرؤونه؟!.
مهما كان هؤلاء على دين فإن دينهم هذا أعمى، لأنه لا يقترن بالعلم، وتلك نصيحة أوجهها لشبابنا، فإذا كان ديننا الحنيف قد حثنا على طلب العلم، العلم بمفهومه الواسع الشامل، فإن عالما مثل آينشتاين قد لفت انتباهنا إلى تلك الحقيقة، حقيقة تلازم العلم والدين، ومن فصل بينهما، فقد ضل وأضل، وليتدبر أولو الألباب..