-A +A
رشيد بن حويل البيضاني
تعيش شعوب أمتنا العربية والإسلامية واقعة تكررت عشرات المرات، إن لم تكن مئات المرات، بين شباب المسلمين وفتيانهم، ألا وهي واقعة «قتل النفس»، الذي اتخذ أشكالا عديدة في حياتنا.
ونحن مأمورون من الخالق جل شأنه بأن لا نلقي بأنفسنا إلى التهلكة «ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة»، ومن ثم يصبح كل وضع يضع المرء فيه نفسه، ومن شأنه أن يؤدي إلى هلاك تلك النفس، مخالفا لأمر الله تعالى وعليه فإن شرب الدخان وإدمان المخدرات والمسكرات، وعدم الاهتمام بصحة الفرد، كلها أفعال تتعارض مع الأمر الرباني بحفظ النفس، وعدم قيادتها إلى الهلاك، بل إن المتأمل إلى تكملة الآية الكريمة يجد أمرا آخر يتجسد في قوله تعالى «وأحسنوا»، فلا يكفي عدم السير في طريق إهلاك النفس البشرية، بل يجب العمل على «تحسين» هذه النفس وسلوك كل طريق يؤدي إلى ما فيه صيانتها وحفظها وتقويمها.

والأعجب من هذا كله، ذلك النفر الذين يقومون بما يطلق عليه «عمليات انتحارية»، لم نسمع بها عبر تاريخ أمتنا البطولي، فلم يقم صحابي جليل، ولا تابعي كريم، بعملية انتحارية ضد مقاتليه من غير المسلمين،، لكننا بتنا نسمع عن مثل هذه العمليات الغريبة العجيبة، لا تِجاه الأعداء، فقد يبرر المنتحر فعلته النكراء، وإنما تِجاه المسلمين الأبرياء، بمن فيهم من الأطفال والشيوخ والنساء.
ولو قمنا بإحصاء قتلى المسلمين على أيدي المسلمين، لوجدناهم أكثر من قتلى المسلمين على أيدي غير المسلمين. لقد أمرنا الله تعالى بعدم قتل النفس «ولا تقتلوا أنفسكم»، فلا يملك مخلوق حق قتل النفس عموما، بما في ذلك نفسه ذاتها، إلا بحقها، والحق قد حدده الله تعالى في كتابه الكريم، فهل يقدم لنا أنصار «العمليات الانتحارية» والقائمون عليها، أدلة شرعية، أو حتى عقلية، لهذه الجريمة البشعة وشرعية تنفيذها؟!.
وصنف آخر، بتنا نسمع عنه، يقوم بابتلاع كميات هائلة من المخدرات، ملفوفة بإحكام، ويدخلها إلى البلاد، حيث يتم إخراجها من أمعائه بوسائل شتي، قد تؤدي إلى مهلكته وفنائه.
أي عقل إجرامي هذا الذي يبتكر من الوسائل ما يهلك به الذات والآخرين؟! لعمري أن إبليس اللعين، لم يكن ليتدفق ذهنه عن ابتكار مثل هذه الوسائل الفتاكة، فقد فاق هؤلاء الانتحاريون والمهلكون لأنفسهم براعة إبليس في قيادة صنف من الناس إلى هاوية جهـنم.
إذن لا بد أن نركز فيما حولنا من وقائع وملابسات في حاضرنا، فكلنا يعلم فضيلة العقل وحسن الإسلام ورقته على النفس البشرية، لكن الكثير منا يحتاجون إلى إعمال العقل في آيات الله لكي يتغير واقعهم إلى الواقع الإسلامي الحقيقي وليس الشكلي..